الإثراء بلا سبب
صفحة 1 من اصل 1
الإثراء بلا سبب
إثراء بلا سبب enrichissement sans cause هو حصول أي شخص ولو كان غير مميّز على كسب بلا سبب مشروع على حساب شخص آخر. لذا يلتزم، في حدود ما كسبه تعويض من لحقه ضرر بسبب هذا الكسب، ويبقى هذا الالتزام قائماً ولو زال كسبه فيما بعد.
وعلى هذا، فالإثراء بلا سبب يعدُّ واقعة قانونية تشكل مصدراً من مصادر الالتزام، وهو من مصادره الأولى التي ظهرت في فجر التاريخ.
في الشريعة الإسلامية، يقول بعض الفقهاء إن الشريعة لم تعتد بهذه القاعدة إلا في حدود ضيقة، ويرى آخرون بأن الكسب بدون سبب تعرفه الشريعة الإسلامية مبدأ عاماً وقاعدة كلية، فهي تقضي بأنه «لا ضرر ولا ضرار» و«الغنم بالغرم».
ويذكر الإمام الغزالي في كتابه «إحياء علوم الدين» الآية ]ولاتأكُلوا أموالَكُم بَيْنَكُم بالباطِلِ[. وجاء في خطبة الرسول (ص) يوم النحر قوله «على اليد ما أخذت حتى ترده».
أركان الإثراء بلا سبب
للإثراء بلا سبب ثلاثة أركان:
إثراء المدين: ويقصد به عادة الزيادة في الجانب الإيجابي لذمة المدين بغير حق. وهذا هو مصدر التزامه بالرد. فلو وفى شخصٌ ديناً عن ذمة شخص آخر، ثم تبين أن هذا الدين سبق الوفاء به فلايكون المدين قد أثرى بهذا الوفاء، ولو كان الشخص الموفي قد افتقر بما دفعه من ماله، وإنما من أثرى هنا هو الذي قبض المال مرتين.
افتقار الدائن: وهو ما يقابل إثراء المدين. فلو تحقق الإثراء في جانب ولم يقابله افتقار في الجانب الآخر، فليس هناك مجال لتطبيق قاعدة الإثراء بلا سبب: كمن يبني حديقة ترفع قيمة بناء جاره، فالجار هنا قد أثرى، ولكن صاحب الحديقة لم يفتقر. بتعبير آخر، يجب أن يكون الافتقار هو السبب المنتج للإثراء. وإذا ما تعددت أسباب الإثراء فيؤخذ بالسبب الرئيسي الفعال.
انعدام السبب القانوني: لكي تقوم قاعدة الإثراء بلا سبب، يجب أن يتجرد الإثراء عن سبب يسوّغه، لأن وجود سبب قانوني للإثراء ينفي قاعدة الإثراء بلا سبب والمقصود بالسبب هنا المصدر القانوني للإثراء. وهذا المصدر قد يكون عقداً من العقود، يمتنع عليه أن يرجع على الطرف الآخر استناداً لأحكام الإثراء بلا سبب، لأن إثراء الأخير مصدره العقد المبرم بينه وبين الطرف الأول. وكذلك من كسب حقاً بنص قانوني فإنه لا يلزم بالرد.
الآثار القانونية للإثراء بلا سبب:
تنشئ واقعة الإثراء التي نجمت عن الافتقار حقاً للمفتقر بإقامة دعوى التعويض، فالتعويض هو جزاء الإثراء بلا سبب. ولهذه الدعوى طرفان:
المدعي: وهو الدائن أي المفتقر الذي يحق له إقامة الدعوى للمطالبة بالتعويض ولا يشترط فيه أن يكون صاحب أهلية.
والمدعى عليه: وهو المدين أي المثري، ولا يشترط فيه أيضاً توافر الأهلية. وباستطاعته أن يدفع هذه الدعوى بأحد أمرين: إما إنكار الدعوى ذاتها لفقد أحد أركانها مثلاً، وإما لأن التزامه قد انقضى بالوفاء مثلاً أو بالتقادم. وتتقادم دعوى التعويض عن الإثراء بلا سبب بإحدى حالتين: إما بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه أن المفتقر بحقه في التعويض أو بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم نشوء الحق بالتعويض.
ويجب ألا يزيد مبلغ التعويض على المبلغ الذي افتقرت به ذمة المدعي الدائن. كما يجب ألا يزيد على المبلغ الذي أثرت به ذمة المدعى عليه المدين.
والرأي على أن يقدر مبلغ الإثراء بوقت حدوثه ومبلغ الافتقار بوقت صدور الحكم.
تطبيقات الإثراء بلا سبب
لقاعدة الإثراء بلا سبب تطبيقات كثيرة. وأهم هذه التطبيقات: الفُضالة، ودفع غير المستحق.
الفُضالة: وهي كما عرفها القانون المدني أن يتولى شخص عن غير قصد القيام بشأن عاجل لحساب شخص آخر من دون أن يكون ملتزماً ذلك. وهي عند الفقهاء المسلمين: القيام بعمل ما لشخص من دون إذن شرعي منه أو وكالة للفضولي عنه.
ويستخلص من النصوص المتعلقة بالفضالة أنها تقوم على الأركان الثلاثة التالية:
الركن المادي: وهو أن يقوم الفضولي بشأن عاجل لحساب شخص آخر، سواء تم ذلك في شكل تصرف قانوني كأن يؤجر الفضولي عقاراً لصالح رب العمل، أو عمل مادي كأن يرمّم الفضولي منزل شخص آخر مهدد بالانهيار. ولا يكفي لعمل الفضولي مجرد تحقيق الفائدة لرب العمل بل لابدّ من أن يكون العمل ضرورياً وعاجلاً بحيث ما كان لرب العمل أن يتوانى عن القيام به لو وُجد في الموقف نفسه، الذي قام فيه الفضولي بهذا العمل: كبيع المحصولات التي يسرع إليها التلف مثلاً.
الركن المعنوي: وهو أن يقصد الفضولي إسداء خدمة لمصلحة رب العمل وليس لمصلحته بالذات. وبغير هذه النية لا تتحقق الفضالة.
الركن القانوني: ويتمثل بألا يكون الفضولي ملزماً بالعمل الذي قام به أو موكولاً إليه، أو ممنوعاً عنه. فالحارس الذي يعمل على إدارة العين التي يتولى حراستها لا يكون فضولياً بل إنه ينفذ التزاماً مترتباً عليه. وإذا كان رب العمل قد دعا شخصاً للقيام بعمل لحسابه، فهذا الشخص يعدّ وكيلاً وليس فضولياً. وكذلك الأمر لو نهى رب العمل شخصاً عن عمل، وقام به رغم النهي، فالشخص المذكور قد ارتكب خطأ يوجب مسؤوليته.
وللفضالة أحكام: فهي مصدر التزامات على الفضولي وأخرى على رب العمل.
فالتزامات الفضولي هي أن يستمر في العمل الذي بدأه، وأن يبذل العناية الكافية به حتى يتمكن رب العمل من مباشرته، كما يجب عليه إخطار رب العمل وتقديم حساب له عما قام به. أما التزامات رب العمل فتتلخص بتنفيذ التعهدات التي باشرها الفضولي نيابة عنه، والتعويض عليه ورد النفقات الضرورية والنافعة التي دفعها.
دفع غير المستحق: يتم دفع غير المستحق في الحالتين التاليتين:
الحالة الأولى: الوفاء بدين غير مستحق، كأن يقوم شخص بوفاء دين لم يكن مترتباً بذمته بالأصل، أو أن يكون موجوداً لكنه غير مستحق، أو أن يكون مستحقاً لكنه انقضى قبل الوفاء به، أو أن يكون قد قام بالوفاء عن غلط أو إكراه أو نقص في الأهلية.
الحالة الثانية: الوفاء بدين كان مستحقاً عند الوفاء، لكنه أصبح غير مستحق بعد ذلك، كالذي يدفع الدين ثم يبطل العقد الذي تم الوفاء على أساسه.
ويترتب دفع غير المستحق التزاماً في ذمة الموفى له بأن يرد ما أخذه بدون حق إلى الموفي.
نورس بيطار
مراجع للاستزادة
ـ عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني ( الجزء الأول 1958).
وعلى هذا، فالإثراء بلا سبب يعدُّ واقعة قانونية تشكل مصدراً من مصادر الالتزام، وهو من مصادره الأولى التي ظهرت في فجر التاريخ.
في الشريعة الإسلامية، يقول بعض الفقهاء إن الشريعة لم تعتد بهذه القاعدة إلا في حدود ضيقة، ويرى آخرون بأن الكسب بدون سبب تعرفه الشريعة الإسلامية مبدأ عاماً وقاعدة كلية، فهي تقضي بأنه «لا ضرر ولا ضرار» و«الغنم بالغرم».
ويذكر الإمام الغزالي في كتابه «إحياء علوم الدين» الآية ]ولاتأكُلوا أموالَكُم بَيْنَكُم بالباطِلِ[. وجاء في خطبة الرسول (ص) يوم النحر قوله «على اليد ما أخذت حتى ترده».
أركان الإثراء بلا سبب
للإثراء بلا سبب ثلاثة أركان:
إثراء المدين: ويقصد به عادة الزيادة في الجانب الإيجابي لذمة المدين بغير حق. وهذا هو مصدر التزامه بالرد. فلو وفى شخصٌ ديناً عن ذمة شخص آخر، ثم تبين أن هذا الدين سبق الوفاء به فلايكون المدين قد أثرى بهذا الوفاء، ولو كان الشخص الموفي قد افتقر بما دفعه من ماله، وإنما من أثرى هنا هو الذي قبض المال مرتين.
افتقار الدائن: وهو ما يقابل إثراء المدين. فلو تحقق الإثراء في جانب ولم يقابله افتقار في الجانب الآخر، فليس هناك مجال لتطبيق قاعدة الإثراء بلا سبب: كمن يبني حديقة ترفع قيمة بناء جاره، فالجار هنا قد أثرى، ولكن صاحب الحديقة لم يفتقر. بتعبير آخر، يجب أن يكون الافتقار هو السبب المنتج للإثراء. وإذا ما تعددت أسباب الإثراء فيؤخذ بالسبب الرئيسي الفعال.
انعدام السبب القانوني: لكي تقوم قاعدة الإثراء بلا سبب، يجب أن يتجرد الإثراء عن سبب يسوّغه، لأن وجود سبب قانوني للإثراء ينفي قاعدة الإثراء بلا سبب والمقصود بالسبب هنا المصدر القانوني للإثراء. وهذا المصدر قد يكون عقداً من العقود، يمتنع عليه أن يرجع على الطرف الآخر استناداً لأحكام الإثراء بلا سبب، لأن إثراء الأخير مصدره العقد المبرم بينه وبين الطرف الأول. وكذلك من كسب حقاً بنص قانوني فإنه لا يلزم بالرد.
الآثار القانونية للإثراء بلا سبب:
تنشئ واقعة الإثراء التي نجمت عن الافتقار حقاً للمفتقر بإقامة دعوى التعويض، فالتعويض هو جزاء الإثراء بلا سبب. ولهذه الدعوى طرفان:
المدعي: وهو الدائن أي المفتقر الذي يحق له إقامة الدعوى للمطالبة بالتعويض ولا يشترط فيه أن يكون صاحب أهلية.
والمدعى عليه: وهو المدين أي المثري، ولا يشترط فيه أيضاً توافر الأهلية. وباستطاعته أن يدفع هذه الدعوى بأحد أمرين: إما إنكار الدعوى ذاتها لفقد أحد أركانها مثلاً، وإما لأن التزامه قد انقضى بالوفاء مثلاً أو بالتقادم. وتتقادم دعوى التعويض عن الإثراء بلا سبب بإحدى حالتين: إما بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه أن المفتقر بحقه في التعويض أو بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم نشوء الحق بالتعويض.
ويجب ألا يزيد مبلغ التعويض على المبلغ الذي افتقرت به ذمة المدعي الدائن. كما يجب ألا يزيد على المبلغ الذي أثرت به ذمة المدعى عليه المدين.
والرأي على أن يقدر مبلغ الإثراء بوقت حدوثه ومبلغ الافتقار بوقت صدور الحكم.
تطبيقات الإثراء بلا سبب
لقاعدة الإثراء بلا سبب تطبيقات كثيرة. وأهم هذه التطبيقات: الفُضالة، ودفع غير المستحق.
الفُضالة: وهي كما عرفها القانون المدني أن يتولى شخص عن غير قصد القيام بشأن عاجل لحساب شخص آخر من دون أن يكون ملتزماً ذلك. وهي عند الفقهاء المسلمين: القيام بعمل ما لشخص من دون إذن شرعي منه أو وكالة للفضولي عنه.
ويستخلص من النصوص المتعلقة بالفضالة أنها تقوم على الأركان الثلاثة التالية:
الركن المادي: وهو أن يقوم الفضولي بشأن عاجل لحساب شخص آخر، سواء تم ذلك في شكل تصرف قانوني كأن يؤجر الفضولي عقاراً لصالح رب العمل، أو عمل مادي كأن يرمّم الفضولي منزل شخص آخر مهدد بالانهيار. ولا يكفي لعمل الفضولي مجرد تحقيق الفائدة لرب العمل بل لابدّ من أن يكون العمل ضرورياً وعاجلاً بحيث ما كان لرب العمل أن يتوانى عن القيام به لو وُجد في الموقف نفسه، الذي قام فيه الفضولي بهذا العمل: كبيع المحصولات التي يسرع إليها التلف مثلاً.
الركن المعنوي: وهو أن يقصد الفضولي إسداء خدمة لمصلحة رب العمل وليس لمصلحته بالذات. وبغير هذه النية لا تتحقق الفضالة.
الركن القانوني: ويتمثل بألا يكون الفضولي ملزماً بالعمل الذي قام به أو موكولاً إليه، أو ممنوعاً عنه. فالحارس الذي يعمل على إدارة العين التي يتولى حراستها لا يكون فضولياً بل إنه ينفذ التزاماً مترتباً عليه. وإذا كان رب العمل قد دعا شخصاً للقيام بعمل لحسابه، فهذا الشخص يعدّ وكيلاً وليس فضولياً. وكذلك الأمر لو نهى رب العمل شخصاً عن عمل، وقام به رغم النهي، فالشخص المذكور قد ارتكب خطأ يوجب مسؤوليته.
وللفضالة أحكام: فهي مصدر التزامات على الفضولي وأخرى على رب العمل.
فالتزامات الفضولي هي أن يستمر في العمل الذي بدأه، وأن يبذل العناية الكافية به حتى يتمكن رب العمل من مباشرته، كما يجب عليه إخطار رب العمل وتقديم حساب له عما قام به. أما التزامات رب العمل فتتلخص بتنفيذ التعهدات التي باشرها الفضولي نيابة عنه، والتعويض عليه ورد النفقات الضرورية والنافعة التي دفعها.
دفع غير المستحق: يتم دفع غير المستحق في الحالتين التاليتين:
الحالة الأولى: الوفاء بدين غير مستحق، كأن يقوم شخص بوفاء دين لم يكن مترتباً بذمته بالأصل، أو أن يكون موجوداً لكنه غير مستحق، أو أن يكون مستحقاً لكنه انقضى قبل الوفاء به، أو أن يكون قد قام بالوفاء عن غلط أو إكراه أو نقص في الأهلية.
الحالة الثانية: الوفاء بدين كان مستحقاً عند الوفاء، لكنه أصبح غير مستحق بعد ذلك، كالذي يدفع الدين ثم يبطل العقد الذي تم الوفاء على أساسه.
ويترتب دفع غير المستحق التزاماً في ذمة الموفى له بأن يرد ما أخذه بدون حق إلى الموفي.
نورس بيطار
مراجع للاستزادة
ـ عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني ( الجزء الأول 1958).
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى